جميلة المصلي.. الوزيرة المكلفة بـ4 قطاعات والمتنقلة بين 3 وزارات دون أن تترك أثر!
لو وضعت لائحة لأعضاء الحكومة "المختفين" خلال فترة ولاية سعد الدين العثماني وأخرى خاصة بزمن عبد الإله بن كيران، فإن اسم جميلة المصلي بالتأكيد سيكون حاضرا فيهما معا، ذلك أن الوزيرة المنتمية لحزب العدالة والتنمية، التي تحمل الآن حقيبة تضم قطاعات التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، كان ظهورها شبه منعدم منذ توليها العمل الحكومي سنة 2015 لدرجة أن الكثير من المواطنين لا يعرفون، حرفيا، لا اسمها ولا شكلها ولا وظيفتها وهي المسؤولة التي يفترض أن مهامها تضعها في احتكاك مباشر مع الناس.
ويتضح غياب أي تأثير للمصلي ووزارتها بالرجوع إلى العديد من الأحداث التي عرفتها سنتا 2020 و2021، واللتان كان يفترض أن يبرز فيهما دورها بشكل غير مسبوق، والحديث هنا تحديدا عن جائحة كورونا وما خلفته من مآسٍ اجتماعية نتيجة فقدان أسر لمعيلها الوحيد أو تعرض أفرادها للبطالة القسرية بسبب حالة الإغلاق العام، ثم سلسلة جرائم اختطاف واغتصاب وقتل الأطفال التي تحولت إلى قضية رأي عام ذات صيت دولي.
وعلى الرغم من أن "التضامن" هو أحد أسباب إحداث وزارة المصلي، إلا أن الدور الذي تلعبه هذه الأخيرة لا أثر له، إذ بالعودة إلى الحملات التضامنية التي استهدفت ذوي الدخل المحدود والمعوزين خلال ذروة الوباء والذين ضاعفت جائحة كورونا من معاناتهم، يتضح أن المهمة الأبرز تحملتها جمعيات المجتمع المدني، وفي حالات كثيرة أشخاص ذاتيون بمجهودات خاصة وبدون أي انتماء جمعوي حتى، في الوقت الذي لم تكلف فيه الوزارة نفسها عناء الدعم أو المواكبة أو التأطير.
وإذا كانت وزارات أخرى عوضت غياب وزارة المصلي طيلة أزيد من 15 شهرا التي استمرت فيها الجائحة، ولا زالت، بين ظهراني المغاربة، بتدبيرها لجميع الجوانب المرتبطة بها تحت إشراف ملكي مباشر، بما في ذلك ما يتعلق بالدعم الاجتماعي للمتضررين، فإن "اختفاء" المصلي كان أوضح في قضايا استهداف الأطفال، وعلى رأسها اختطاف وقتل الطفل عدنان في طنجة من طرف "بيدوفيل"، والتي كررت مع الطفلة نعيمة في أكدز من لدن باحث عن الكنوز، وكلاهما في شتنبر من العام الماضي.
وكان ابتعاد الوزارة الوصية عن قطاع الأسرة عن دورها في حماية الأطفال، سببا مباشرا في مساءلتها من طرف البرلمان عقب جريمة مقتل الطفل عدنان، وذلك عبر سؤال كتابي وجهه فريق الأصالة والمعاصرة والذي طالب الحكومة بتحمل مسؤوليتها في حماية الأطفال من طرف المنحرفين جنسيا والمطربين نفسيا، كما نبه الفريق نفسه الوزيرة المصلي إلى ما يتعرض له أيضا أطفال الشوارع من جرائم اغتصاب واعتداء جسدي بل وقتل أيضا.
وقد يكون غياب المصلي عن الصورة مجرد تحصيل حاصل، فمنذ الإعلان عن اسمها لأول مرة ضمن التشكيلة الحكومية في تعديل سنة 2015 كوزيرة منتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، بدلا لسمية بن خلدون، تنبأ كثيرون بأن الأمر لا يعدو كونه استكمالا لـ"كوطا البيجيدي" داخل الحكومة، وهو الانطباع الذي تكرر أيضا عند تعيينها في 2017 كاتبة للدولة مكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي.
لكن المفارقة الأكبر كانت هي الإبقاء عليها في النسخة الثانية من حكومة العثماني سنة 2019 عندما أنيطت بها وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، في حكومة أرادها الملك محمد السادس "حكومةً للكفاءات"، والحال أن العودة للسجل المهني للمصلي لا يشي بذلك إطلاقا فالأمر يتعلق بامرأة عُينت أستاذةً قبل نحو عقدين من الزمن دون أن تمارس التدريس يوما واحدا لدخولها البرلمان منذ 2003 وتفرغها لذلك، قبل أن تجد نفسها وزيرة بشكل غير متوقع، ما يجعلها إذا أكبر علامات الاستفهام في حكومات ما بعد دستور 2011.